في ظل الانتخابات الأوروبية المقبلة، وفي خضم سلسلة من التحولات الجيوسياسية، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يولي اهتماما خاصا لشراكاته ــ وخاصة في قطاعات التعاون غير المقدرة مثل الاقتصاد الأزرق. إن تعزيز الشراكات، مثل تعزيز الشراكة بين أفريقيا وأوروبا في مجال المحيطات، يوفر فرصا كبيرة لكل من أوروبا وأفريقيا لتحقيق الحياد المناخي وأهداف التنمية المستدامة، مع امتداد الفوائد إلى ما هو أبعد من البحر الأبيض المتوسط.
يجد الاتحاد الأوروبي نفسه عند منعطف حرج. فقد تغير السياق الجيوسياسي، مع غزو روسيا لأوكرانيا الذي أعاد تركيز سياسة الاتحاد الأوروبي على قضايا الدفاع. وتسلط تكاليف الطاقة المتزايدة والاعتماد على المواد الخام الحيوية الضوء على النموذج الاقتصادي المترابط بين أفريقيا وأوروبا. بالإضافة إلى ذلك، يشير تراجع الدعم من الولايات المتحدة للمؤسسات المتعددة الأطراف، وتزايد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، إلى المزيد من التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي على المستوى العالمي.
وفي ظل هذه الظروف الهشة، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يعيد تقييم شراكاته الدولية وأن يتكيف مع استراتيجيته في مجال السياسة الخارجية. ورغم أن الأمن والاستقلال الاستراتيجي يظلان من الأولويات المهمة، فإن الاتحاد الأوروبي لابد أن يتبنى نهجاً شاملاً في التعامل مع شراكاته، بما في ذلك الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
إن الاستثمار في الشراكات الاستراتيجية، بما في ذلك مع أفريقيا، أمر حيوي لتأمين المواد الخام الحيوية والطاقة الخضراء لتحقيق أهداف الحياد المناخي للاتحاد الأوروبي، مع دعم التحول الاجتماعي والاقتصادي والتصنيع في أفريقيا.
لا شك أن تعزيز الشراكة بين أفريقيا وأوروبا في مجال المحيطات يصب في مصلحة الاتحاد الأوروبي، وخاصة في ظل السياق الجيوسياسي الحالي وظهور أفريقيا على الساحة العالمية، وهو ما يتجلى بوضوح في انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين. وتشكل حوكمة المحيطات والاقتصاد الأزرق أهمية استراتيجية هائلة لهذا التعاون المتجدد. ومع التغييرات القيادية المقبلة في الاتحاد الأوروبي في عام 2024 ومفوضية الاتحاد الأفريقي في عام 2025، فإن صناع القرار لديهم فرصة محورية لبناء شراكات مبتكرة ومرنة بين القارتين.
تتمتع المحيطات بإمكانات هائلة لتحقيق أهداف المناخ والتنوع البيولوجي في أفريقيا وأوروبا. ومع ذلك، فإن أقل من 1% من تمويل المساعدات الإنمائية الرسمية (ODA) يذهب إلى تنمية المحيطات على المستوى الدولي، مما يجعل الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة: "الحياة تحت الماء" هو الأقل تمويلاً من بين جميع أهداف التنمية المستدامة.